فتاة الجزيرة - عدن - خاص
في تصعيد خطير يهدد بنسف استقرار المؤسستين القضائية والأمنية في العاصمة المؤقتة عدن، كشفت وثيقة مسربة عن توجيهات صادرة من عضو مجلس القيادة الرئاسي، أبو زرعة المحرمي، بإيقاف النائب العام للجمهورية، القاضي قاهر مصطفى، وتكليف المحامي العام الأول بتسيير أعماله.
جاء هذا القرار بعد يوم واحد فقط من توجيهات المحرمي بإقالة مدير أمن المنطقة الحرة، العميد جمال ديان، الضابط الأكاديمي المعروف بنزاهته والتزامه بالإجراءات القانونية، ما أثار موجة انتقادات سياسية وقانونية واسعة، وسط تساؤلات حول شرعية هذه القرارات وتداعياتها على المشهد الأمني في عدن.
الإقالة جاءت عقب سلسلة من الأحداث المتسارعة، بدأت بمحاصرة ميناء كالتكس من قبل قوات تابعة لألوية الحزام الأمني والعمالقة، بعد رفض العميد ديان السماح بدخولهم إلى الميناء دون إذن قضائي، باعتبارهم قوات غير مختصة. الموقف القانوني الذي اتخذه ديان أثار حفيظة المحرمي، الذي سارع إلى إصدار قرار الإقالة، في مشهد وصفه مراقبون بأنه "رد فعل شخصي لا يستند لأي أساس مؤسسي".
مراقبون اعتبروا أن قرارات المحرمي الأخيرة تمثل استهدافًا ممنهجًا للكفاءات الأمنية والقضائية في الدولة، مشيرين إلى أن الرجل لا يحمل أي مؤهل أكاديمي أو أمني، وكان يعمل تاجرًا للعسل قبل حرب 2015، ليصعد بعدها إلى مناصب عليا بفعل تحولات الحرب، وليس عبر مسار مؤسسي أو مهني.
فالعميد جمال ديان، على سبيل المثال، هو ضابط أكاديمي قضى حياته في العمل الأمني وتخرج من كليات متخصصة، بينما يُعتبر النائب العام، قاهر مصطفى، أحد أبرز القضاة في البلاد. ويرى منتقدون أن هذه الإجراءات لا تستند إلى تقييم مهني، بل هي جزء من محاولة لفرض واقع جديد يتم فيه إخضاع مؤسسات الدولة للولاءات الشخصية بدلاً من الكفاءة وسيادة القانون.
في ظل هذا التصعيد، دعا ناشطون وسياسيون رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، ونائبه اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى التدخل العاجل لوضع حد لتصرفات المحرمي التي وصفوها بأنها "لا تمت للدولة بصلة"، وتكرّس منطق الإقصاء والقرارات الفردية.
يربط مراقبون هذه القرارات بمحاولات فرض سيطرة عسكرية على ميناء كالتكس، رغم تعليمات النيابة العامة التي منعت دخول أي قوات غير رسمية. ويؤكدون أن ما جرى يمثل انقلابًا على مبدأ الفصل بين السلطات، ويهدد حيادية المؤسسات الأمنية والقضائية في عدن.
وصف حقوقيون القرار بأنه يحمل "نزعة مناطقية وسياسية"، متسائلين: "هل أصبحت حماية القانون في عدن تهمة؟"، في إشارة إلى أن من يلتزم بالإجراءات القانونية بات عرضة للإقالة أو الإيقاف، في ظل تغوّل السلطة التنفيذية على القضاء والأمن.
إرسال تعليق